عندما يبتعد الاحبة

عندما يبتعد الأحبة



هل حدث يوماً وفقدت أحد أحبائك ؟

ربما نفقد أحباءنا لبعد أ ولسفر أو لمرض أو ربما يغيبهم المــــوت ويسرق منا تلك الفرحة بوجودهم بجوارنا.

يحدث ذلك بعد أن ألفناهم واعتدنا وجودهم وأصبحت سعادتنا لا تكتمل إلا بهم .

خليط من الحزن والشجن والألم يقتحم النفس اقتحاما ويجثو على الصدر

ليس ساعة فقدهم وإنما عندما نذهب إلى حيث اعتدنا أن نجدهم فلا نجدهم .

عندما نحتاج أن نتحدث إليهم فلا يجيبنا إلا صدى لأصوات كانت هــنا .

نـحس دموعا تتحجر داخل المآقي وأنفاس تحتبس وسهام رماها قناص ماهر توخز القلب وخزا .

تجد الفؤاد يترك الجوانح ويريد لو يترك سجن القفص الصدري ليذهب إلى حيث هم .


فلا يستطيع .



تجد نفسك تتحسس أنفاسه في المكان . تبحث عنه.

تتخيله واقفا جالسا ماشيا ضاحكا مداعبا .

تؤرقك تلك الذكرى ويعذبك كل ركن في المكان .

فهذه أريكة كان يجلس عليها . وهذا كتاب كان لا يمل من قراءته .

هنا مصحفه وفي الزاوية سجادة صلاته .

هذا سريره وتلك ثيابه وهذا عطره .


سلسلة لا تنتهي من الذكريات العاصفة والأشياء الصامتة التي يحكي كل منها حكايا حدثت بينكم .


ليس هذا كل شيء .

فربما تغمض عينيك وتتحدث إليه .

تسأله وتستشيره وتقول له أنك افتقدته كثيرا وتسأل متى العودة


وتصدم أنه لا مجيب وأنك فقــط كنت تتخيل .


مشاعر ربما هي الملاذ الوحيد الذي يلجأ إليه من فقد غاليا .

وربما لا يسرّي عنه إلا ذلك .



سبحان الذي خلق الحب وأنبته في قلوبنا وجعلنا نألف من نحب ولا نطيق فراقا .

وسبحانه أيضا من خلق النسيان وجعل ضعاف قلوبنا تتحمل مصيبة الفقد وكل هذا الألم .


وفي الفراق قال شاعر



لله بـــــــــــــاك على أحبابه جــــزعــــا*
قــــد كنت أحــــــذر هــــذا قــبــل أن يقـعــا

مــا كــان والله شـؤم الــدهــــر يــتــركــنــي
حتى يــجـــرّعَــنــي مـــن بــعـــدهـــم جُــرَعـــــا

إن الــــــــزمــــــان رأى إلـــــف الســرور لنــا
فــدب بالـــبـــيــــن فـــيــــمـــا بـيـنـنا وســــعـــــــــــــى

فليصنع الــــدهـــر بــــي مــــا شــــاء مـــــجتهدا
فـــــــلا زيـــادة شـــــــيء فــــــوق مــــا صـــــنـــــــــــعــــا

وقال آخر :

وقـــفــــت يــــوم الــــنــــوى مـــنــهـــم عـلى بعد
ولـــــم أودعــــهــــم وجــــداً وإشـــفــــاقــــا



إنــــي خـــشــــيــــت عـــلـــــى الاظعان مــن نــفـــســـي
ومــــن دمــــــوعـــــــي إحــــــراقـــــــاً وإغــــراقـــــا